بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق…
النص أعلاه هو بداية النسخة الإسلامية من قسم أبقراط الطبي الذي يؤديه الأطباء حول العالم – بنسخه المختلفة – قبل بدء ممارسة الطب. هذا التقليد متعارف عليه حول العالم، إلا أن القسم ليس ملزماً وليس له تبعات قانونية فعلية، لكنه يسهم في تعريف الطبيب بالمسؤولية الأخلاقية تجاه مرضاه. أما من الناحية التشريعية فتوجد قوانين موضوعة تحمي الناس، وتُسائل الأطباء في حالة أساءوا استخدام معرفتهم.
يقترح “Tyler Elliot” في أحد مقالاته أن يكون هناك قسم وميثاق شرف للمبرمجين. فقد أصبحت البرمجة جزءاً من حياتنا ودخلت كل المجالات، من الطب إلى الطيران، والحاجة إلى وضع منهج”أخلاقيات” لمهنة البرمجة أصبح شيئاً مهماً يساعد على تقنين ووضع قوانين تحاسب الذي يسيؤون استخدام برامجهم لأغراض مضرة مثل التجسس عليك وانتهاك خصوصيتك.
الفكرة التي يدعوا إليها تايلور هو أن يبدأ الموضوع كقوانين وأخلاقيات، وقد يتبعها ميثاق شرف بين المبرمجين، بعد ذلك قد يتم تحسين الأمور بحيث تصدر رخص لمزاولة البرمجة، وهذا يجعل من يفكر في مزاولة البرمجة يتمهل قبل إطلاق خدمة / منصة قد يساء استخدامها، لذلك يجب عليه التفكير في هذه الاحتمالات.
لعل الهدف من طرح مثل هذه الأفكار هو محاولة تحميل الشركات والمبرمجين جزءاً من المسؤولية تجاه المجتمع، فحين تتسبب خدمات مثل فيسبوك، تويتر، ويوتيوب، في نشر الكراهية والتعصب، وتؤدي إلى مأسي انسانية مثل مأساة تصفية مسلمي الروهينجا التي بدأت على فيسبوك بواسطة مسؤولين في الحكومة في مينامار.
ما يدعو إليه تايلور هو أن يفكر المبرمج في التبعات والاستخدامات السيئة المتوقعة، وأنا أدرك أن الفكرة قد تبدو غبية في البداية، فعدد الاحتمالات لانهائي. لكن لابد من وجود تخطيط وتوقع لبعض السيناريوهات والعمل على تفاديها منذ البداية. هذا الضغط على المبرمجين سينتقل للشركات، كون المبرمج قد يخضع للمسائلة من قبل جهات قانونية، وسيسأل عن معرفته بأن ماكان يقوم به هو عمل لا أخلاقي، وخوفه من فقدان رخصة مزاولة مهنة البرمجة والعمل سيصعب على الشركات الكبرى التمادي في استغلال قوتها وهيمنتها لفرض ماتراه مناسباً للمستخدم، لأن المبرمج سيكون خط الدفاع الأخلاقي الأول.
*أقسم بالله العظيم أن أستفيد من دعمك لي على Patreon.