أعلنت مايكروسوفت قبل فترة عن إيقافها بيع الكتب الإلكترونية عن طريق متجرها، وستقوم بإرجاع قيمة الكتب المشتراة لأصحابها، فمن الواضح أن الخدمة فشلت في تحقيق أي نجاح يذكر.
سوف يأتي يوم تتوقف فيه أغلب الشركات التقنية عن العمل لسبب أو لآخر، جوجل، أمازون، مايكروسوفت وغيرها من الشركات قد لاتكون موجودة بعد 30 سنة من الآن، فمهما حاولت أي شركة أن تبقى حيةً، سيأتي اليوم الذي تنتهي فيه الرحلة، سوءاً كان بالإفلاس، إساءة تقدير السوق، أو عدم القدرة على المنافسة وستُجبر في النهاية على تغيير طريقة عملها، ولنا في IBM مثال، فبعد أن كانت عملاق الحواسيب الشخصية في فترة من الفترات، أجبرتها طبيعة السوق على تغيير أسلوب عملها، والتخلص من الكثير من أصولها، والتركيز على تقديم الخدمات الاستشارية والمشاريع الضخمة.
ماحدث للعملاق الأزرق (وهو أحد أسماء IBM) سيحدث للعديد من الشركات، وعلى رأسها الشبكات الاجتماعية وبرامج المحادثة التي أصبحت امتدادا لحياتنا، نرتب المواعيد عبرها، نتفق على الأعمال، وهلم جرا. ماهو مصير حيواتنا (من حياة) الإلكترونية على تويتر؟ واتساب؟ وماذا سيحدث حين تقرر هذه الشركات تغيير نمط عملها أو التوقف عن العمل كلياً؟
يفترض على الشركات القيام ببعض الأمور لضمان استمرار حياتنا الرقمية دون التأثر بتوقفها. وبعضها توفر لك إمكانية تنزيل بياناتك كاملة وحفظها، إلا أن وجود البيانات لا يعني استمرار المنظومة، ولكنها تستطيع القيام ببعض الأمور التي ستساعد على استمرار خدماتها بعد التوقف.
التحول إلى معايير : تويتر كمثال
ندرك اليوم أن البريد الإلكتروني ليس مرتبطاً بشركة معينة، فهو معيار قياسي ولن يتوقف بذهاب جوجل، أو هوتميل. بإمكان أي شركة بناء خدمة بريد إلكتروني خاصة بها بشرط توافقه مع المعايير التي تم تحديدها لعمل هذه الخدمة.
تستطيع تويتر أن تحول طريقة عملها إلى مجموعة معايير قياسية وجعلها متاحة للجميع لتظهر خدمات أخرى قادرة على التواصل مع تويتر. وقد سبق أن ظهر مشروع Mastodon الذي يسمح لك ببناء واستضافة شبكتك الاجتماعية الخاصة التي تستطيعها ربطها مع شبكات Mastodon آخرى، لكنها حتى هذه ليست قادرة على التواصل مع تويتر.
إيجاد معيار تواصل بين الشبكات الاجتماعية أصبح ضرورة، فهو يتيح للمستخدم اختيار الخدمة التي تناسبه ، وستحث الشركات على الاستمرار في تطوير خدماتها كما في حالة البريد الإلكتروني لكل من جوجل ومايكروسوفت (هوتميل).
ما أتصوره هو الاتفاق على معيار خاص بالشبكات الاجتماعية يرتب كيفية نقل البيانات الأساسية التي يحتاجها المستخدمون للتواصل فيما بينهم (تحديث الحالة، صور، روابط…إلخ) كي أستطيع متابعة شخص على شبكة “عتريس” وفي نفس الوقت أتابع شخصاً على شبكة “ماريمار”. وجود المعيار الموحد يعني أنني سأحصل على كل التحديثات والتنبيهات دون مشاكل، ويمكن تشبيه طريقة عمل هذه الشبكات بسوق الهواتف النقالة، تتوافق كل الهواتف مع معيار مثل GSM لكن كل هاتف مختلف عن الآخر من ناحية الميزات.
من أجل تمييز نفسها ستقوم هذه الشبكات بتمييز نفسها إما عبر الواجهة الجميلة والمختلفة والتكامل مع الخدمات الخارجية مثل الربط مع Giphy او Dropbox وكل هذا سيكون متروكاً لسياسة كل شركة وكيف ترغب بتطوير نفسها.
التحول لمعايير قياسية لن يؤثر على “النموذج الربحي” (كيفية تحقيق المال) فكل من مايكروسوفت وجوجل تستمران في إظهار الإعلانات في خدماتها البريدية مع توفير إمكانية إزالة الإعلانات مقابل اشتراك شهري، لذلك فإن تويتر لن يتضرر من وجود خدمات مشابهة على المدى الطويل، فجوجل لم تحتكر الإعلانات والسوق يتسع للجميع.
استشهادي بتويتر ماهو إلا تفضيل شخصي من قبلي، ولكن الفكرة قابلة للتطبيق “نظرياً” والتفاصيل أتركها لمن يريد البدء في تطبيق الفكرة.
* تستطيع دعمي عبر عن طريق Patreon
فكرة جيدة، جميلة وجديدة.