في يوم السبت ١٣ / يوليو / ٢٠١٩ أجرت ابنتي عمليةً بسيطة، وقد كتبت هذه المقدمة (الطويلة) أثناء مبيتي معها في المستشفى.
—
حين تقف أمام باب غرفة العمليات وابنتك على الناحية الأخرى من الباب تبدأ
في التشكيك بقراراتك “هل اتخذت القرار الصائب؟” وقد يصل بك الحال للتشكيك
في أهليتك كأب.
لا تهم نسبة الخطر في أي عملية، فحين تكون مسؤولاً عن حياة شخص، ويكون هذا الشخص قطعة من روحك، فإن أي نسبة حتى ولو اقتربت للصفر تظل مخيفة.
حين يُغلق باب غرفة العمليات، سوف تشعر بالقلق. ستخبر نفسك أنك وصلت لهذا القرار بعد الكثير والكثير من التفكير والمشورة، سيمر بعض الوقت قبل أن تبدأ أفكارك في الهدوء، وتصبح الساعات والدقائق رفيقيك للفترة القادمة. ستهرع إلى هاتفك في كل مرة تجد نفسك قلقاً وتميل إلى السلبية، في مثل هذه اللحظات تكون الشبكات الاجتماعية نعمة.
يقال أن الصبر يجعلك أقرب لله، ولعلك تدرك معنى ذلك في مثل هذه المواقف، فأنت ترجو الفرج وليس بيدك سوى الدعاء والانتظار، سيحاول من حولك الترويح عنك، لكن الله من يضع السكينة في قلبك.
مع اقتراب وقت انتهاء العملية الذي أخبرك عنه الطبيب في العيادة، ستبدأ في الدوران عند باب الخروج، وفي كل مرة يُفتح الباب وترى أنها ليست ابنتك ستشعر بالقلق، وفي كل مرة يُفتح الباب وترى وجهاً غريباً يتضاعف هذا القلق، وماهي إلا بضع مرات قبل أن تجد نفسك تدق الباب ليطالعك وجه الممرضة لتسألها عن حال ابنتك، وتجيبك في برود أنها في “غرفة الإفاقة” وتغلق الباب متجاهلة نظرة القلق في عينيك، فهي قد شاهدت هذه النظرة ألف مرة، والتعاطف يعني فتح ألف باب هي في غنى عنه.
بمجرد أن يفتح الباب وترى ابنتك على السرير وعلى وجهها علامات التيه بسبب مفعول المخدر، سترسم ابتسامة خفيفة على وجهك، سترافقها إلى غرفتها، وماهي إلا ساعات قليلة حتى تعود إلى طبيعتها المتسائلة والطلبات التي لاتنتهي. رغم أن هذه الأمور كانت مملة بالنسبة لي فسوف تبدو بعد هذه التجربة البسيطة شيئاً جديداً وجميلاً. لعله شعور غريب بالذنب أو تعويض لساعات الانتظار الذي قضيتها مشتاقاً لها…وبنهاية اليوم سوف تهدأ عاصفة المشاعر، وتعود لتقلد منصب الأب الواثق من نفسه…لكن بداخلك ترجو من الله أن لا تعيد هذه التجربة.
* كانت هذه مقدمة العدد #39 من نشرة النشرة.
* حقوق الصورة: Sitting by Llisole from the Noun Project
* الخلفية: Photo by Nevin Ruttanaboonta on Unsplash